إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
357062 مشاهدة print word pdf
line-top
أنواع الخيار

فمنها: خيار المجلس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار، ما لم يتفرقا وكانا جميعا، أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا ولم يترك واحد منهما البيع، فقد وجب البيع متفق عليه .


أنواع الخيار
ذكر الفقهاء أن أقسام الخيار ثمانية، وبعضهم جعلها سبعة:
الأول: خيار المجلس، والثاني: خيار الشرط، والثالث: خيار التدليس، والرابع: خيار الغبن، والخامس: خيار العيب، والسادس: خيار الاختلاف بين المتبايعين، والسابع: خيار التخبير، أي: إذا أخبره بثمن قد كذب فيه أو خدعه، والثامن: خيار الخُلف في الصفة.
وقد ذكر المؤلف بعض هذه الخيارات.
أولا: خيار المجلس
قوله: (فمنها: خيار المجلس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تبايع الرجلان إلخ):
خيار المجلس المراد به: مكان البيع؛ سواء كانا جالسين أو قائمين أو راكبين، فلكل من المتبايعين الخيار ما داما في المجلس، ويلزم البيع إذا تفرقا، والدليل قوله -صلى الله عليه وسلم- إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما لا خيار، ما لم يتفرقا وكانا جميعا .
فإذا تبايع الرجلان في مجلس فكل واحد منهما بالخيار ما داما لم يتفرقا، وكانا جميعا، أي: ما داما جميعا يرى أحدهما الآخر، فإذا اختفى أحدهما فخرج من الباب أو دخل في غرفة أخرى أو صعد في سطح، أو ولى بحيث لا يسمعه إذا صوت له كلاما عاديا لزم البيع، وأصبح هذا تفرقا، فالتفرق بالأبدان، وهذا هو القول الصحيح، وقد أنكر مالك وأبو حنيفة خيار المجلس ولم يصيبا، وحملا الحديث على التفرق بالأقوال، وهو خلاف الظاهر؛ لأن الحديث قال فيه: وكانا جميعا .
وقوله: ( أو يخير أحدهما الآخر )، يعني: يقول أحدهما للآخر: أبيعك بشرط ألا خيار.
وقوله: ( فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا، ولم يترك واحد منهما البيع، فقد وجب البيع )، أي: لزم.
ومثال خيار المجلس لكل من المتبايعين: فلو اشتريت- مثلا- سيارة بأربعين ألفا، ثم ندمت وأنت في المجلس، فلك أن تردها ولو كنت قد سلمت الدراهم، ولو اشتريت سيارة بأربعين ألفا، وسلمت الدراهم، ثم ندم البائع فله أن يرد عليك دراهمك، ويقول: أنا قد ندمت وأريد سيارتي، فالخيار لكل منهما.
ومثال إسقاط الخيار: أن تقول: بعتك ولا خيار لي من الآن، فقال: اشتريت ولا خيار لي من الآن، فقد وجب البيع.
والحاصل أن البيع يلزم بأحد أمرين:
الأول: بالتفرق من المجلس بالأبدان.
والثاني: إذا أسقطا الخيار أو أسقطه أحدهما.

line-bottom